-

المجال: الأخلاق – المذهب: الأبيقوريَّة
الخوف من الموت
أحد عوائق التمتع براحة البال، كما يُجادل أبيقور، هو الخوف من الموت، وهذا الخوف يفاقمه الاعتقاد الديني في إنك إن جلبت على نفسك غضب الآلهة، فسوف تعاقب عقابا جسيما في الآخرة. ولكن بدلا من أن يواجه هذا الخوف بتقديم حالة خلودٍ بديلةٍ، فإنه يحاول شرح طبيعة الموت في حد ذاتها. يبدأ بتقرير أنه حين نموت، فإننا لا ندرك موتنا، بما أن وعينا (روحنا) يكفُّ عن الوجود حين نموت. لتفسير هذا، يتخذ أبيقور الرؤية التي ترى أن الكون بأسره مكون إما من ذرات، وإما من فراغ، كما أثبت هذا الفلاسفة الذريون، كدمقريطس وليوكيبوس. ومن ثم يبرهن أبيقور أن الروح يستحيل أن تكون فراغا، لأنها تتفاعل مع الجسد، لذا يلزم أن تكون مصنوعة من ذرات. يصف ذرات الروح بأنه موزعة في جميع أنحاء الجسد، ولكنها شديدة الهشاشة، بحيث تنحلّ حين نموت، وهكذا فليس بمقدورنا الشعور بأي شيء. وإن كنا لا نشعر بشيء، لا عقليا ولا جسديا، حين نموت؛ فإنه من الحمق السماح للخوف من الموت أن يسبب لنا الألم ما دمنا أحياءً.

لقد اجتذب أبيقور قلة من الأتباع، الذين كانوا شديدي الإخلاص له، ولكن كان يُنظر إليه أنه كارهٌ للدين، مما جعله بلا شعبية واسعة، كما أنه تُجُوهِلَ في التيار الرئيس للفلسفة لقرون، ولكنه عاد إلى الظهور في القرن الثامن عشر، في أفكار جيرمي بانتام وجون ستورت ميل، ثم وجدت المبادئ الأبيقورية صدا لها في كلمات الإعلان الأمريكي للاستقلال، التي تقول: «حياة، وحرية، وسعيٌ إلى السعادة».