إعْجَام

مدونة مروان الرشيد

هرقليطس (535 – 475 ق.م): كلُّ شيء في حالة من الجريان

المجال: الميتافيزيقا – المذهب: الواحديَّة

بينما كان الفلاسفة اليونان الأوائل مُنكبين على تفسيرات علمية لطبيعة الكون، كان هرقليطس يرى أن الكونَ محكومٌ بعقلٍ إلهيِّ: «لوغوس». وفي حين فُسِّرَ اللوغوس على أنه «علة» أو «حجة»، عده هرقليطس قانونا كونيا كُليًّا تنوجِد به جميع الأشياء وبه تبقى جميع عناصر الكون في حالة اتزان.

اعتقد هرقليطس أن التوازن بين المتضادات، كالليل والنهار، والسخونة والبرودة؛ هو ما يقود إلى وحدة الكون، أو أن كل شيء هو جزء من عملية أو عنصر واحد؛ وهو المعتقد المركزي في «الواحديَّة». لكنه قال أيضا بوجود توتُّر بين هذه المتضادات، وبالتالي استنتج أن كل شيء في حالة دائمة من الجريان أو التغيُّر؛ فمثلا يتحول النهار إلى ليل، والليل -بدوره- يصير نهارًا.

يضرب هرقليطس مثل النهر لإجلاء نظريته: «لا يمكنك أن تضع قدمك في نفس النهر مرتين». ويعني بهذا أنه في اللحظة التي تخطو فيها في النهر فإن ماء جديدا سيزيح الماء الذي وضعت قدمك فيه، ومع ذلك فالنهر يوصف دائما على أنه شيء ثابت لا يتغيَّر.

إن اعتقادَ هرقليطس، أن كل ما في العالم هو في حالة مستمرة من الجريان، يُضاد تفكير فلاسفة المدرسة الملطية –كطاليس وأناكسيماندر- الذين عرَّفوا كل شيء على أنه جوهر لا يتبدَّل.